مجلس الإفتاء الأعلى يدعو إلى نجدة القدس

مجلس الإفتاء الأعلى يدعو إلى نجدة القدس
رام الله - دنيا الوطن
دعا مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين إلى نجدة القدس، من أعمال التهويد، ومحاولات إحداث تغيرات في وجهها الحضاري والتاريخي والجغرافي، لفرض سيطرة المحتل الكاملة عليها، وذلك من خلال رفع نسبة الوجود اليهودي فيها على حساب أهلها الشرعيين، وإحاطتها بالمستوطنات، لمنع التمدد جغرافيًا، مشيرا إلى خطورة إعطاء من يسمى برئيس وزراء كيان الاحتلال الضوء الأخضر للشروع في تنفيذ أخطر مشروع استيطاني في هذه المنطقة، المعروف باسم ((E 1، حيث جرفت قوات الاحتلال الإسرائيلي مساحات من أراضي المواطنين في بلدة أبو ديس جنوب شرق القدس المحتلة، والتي تقع ضمن هذا المخطط الفاشي الذي يهدف إلى فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، لمنع أي محاولة لإقامة دولة فلسطينية مترابطة الأجزاء.

وحذر  من خطورة مخططات الاستيطان، التي تهدف إلى القضاء على الوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة، مستغلة الوضع السياسي العام بالمنطقة، وخطورة هذا المشروع تكمن في استمراريته وتصاعد وتيرته، لتعزيز وجود مستوطنات قائمة ومشاريع استيطانية استعمارية جديدة في القدس ومحيطها، في انتهاك صارخ لحقوق الشعب الفلسطيني، وطالب المجلس المجتمع العربي والدولي بالتدخل الفوري والعاجل للضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف هذا الجنون الاستيطاني، الذي يقضي وبشكل كامل على أي فرصة حقيقية لتحقيق السلام العادل والشامل لإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.

وعلى الصعيد ذاته؛ ندد المجلس بمحاولات تشريد القاطنين في خربة حمصة الفوقا بالأغوار الشمالية، حيث هدمت خيام أهلها للمرة السادسة على التوالي، مديناً قيام جرافات الاحتلال بعمليات هدم وحفريات في عدة مناطق في القدس، فهدمت بناية سكنية من طابقين تضم أربع شقق سكنية قرب مدخل بلدة العيسوية بالقدس المحتلة، وشردت قاطنيها، وهدمت محلين تجاريين في قرية صور باهر جنوب شرق القدس، مبيناً أن سلطات الاحتلال تصر على المضي في غيها وعدوانها ضد القدس ومقدساتها وسكانها بحجج واهية، وعدوانها هذا جزء لا يتجزأ من مسلسل الاعتداءات الممنهجة على الأرض الفلسطينية، والتي تنتهك به ما دعت إليه الشرائع السماوية وكفلته القوانين والأعراف الدولية، من ضمان كرامة الإنسان حياً وميتاً، وهذه ليست الاعتداءات الأولى من نوعها، بل سبقتها اعتداءات أخرى، وهي في تزايد مستمر، ووصلت إلى مرحلة خطيرة جدّاً لا يمكن السكوت عنها.

وفي السياق ذاته؛ أدان المجلس اقتحام مئات المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك، في مشهد عدواني واضح يمس بقدسية المسجد، ويعاضد مسار التقسيم المكاني للأقصى، واقتطاع ساحته الشرقية، بعد فشل السيطرة على مصلى باب الرحمة، كنقطة انطلاق للتقسيم المكاني، ونوه المجلس إلى خطورة استمرار الاحتلال في استهداف المسجد الأقصى المبارك، ومحاولة وضع اليد عليه، مؤكداً على أن حق المسلمين بالمسجد الأقصى المبارك يعرفه القاصي والداني، وتعرفه الهيئات الدولية والرسمية، وهو رقم صعب يأبى القسمة والمشاركة، فهو للمسلمين وحدهم دون سواهم.

وأدان المجلس إبعاد سلطات الاحتلال الإسرائيلي حراس المسجد الأقصى المبارك وسدنته والمرابطين  والمصلين الذين يستطيعون الوصول إليه، منبهاً إلى أن الاعتداءات عليهم ارتفعت وتيرتها في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ، وذلك في إطار الانتهاكات العدوانية المستمرة، التي تنتهجها سلطات الاحتلال، حيث زادت ملاحقة المصلين وموظفي المسجد وحراسه، واعتقالهم وإبعادهم بحجج واهية، بهدف تفريغ المسجد من سدنته ورواده وحراسه، وتغيير الوضع الديني والتاريخي والقانوني القائم فيه، بهدف السيطرة عليه.

وعلى صعيد ذي صلة؛ استذكر المجلس بمزيد من الأسى والسخط الشهداء الذين قضوا جراء الاعتداء الآثم على المصلين الساجدين لربهم في المسجد الإبراهيمي، والذي توافق ذكراه السابعة والعشرون هذا اليوم 25/2، وما زالت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحاول، ضمن سياسة ممنهجة، السيطرة على المسجد الإبراهيمي، وإلغاء السيادة الفلسطينية، وإلغاء اعتباره وقفاً إسلامياً خالصا، من خلال الاقتحامات المتكررة له، ومنع الأذان في أوقات كثيرة في رحابه، ومحاولات نصب "شمعدان" كبير على سطحه، وأكد المجلس على أن المسجد الإبراهيمي كما المسجد الأقصى المبارك للمسلمين وحدهم ولا يحق لغيرهم فرض سيطرتهم عليهما والتدخل في شؤونها.

وفيما يتعلق بالأسرى البواسل، قدم المجلس تعازيه الحارة لذوي الشهيد داوود طلعت الخطيب، أحد ضحايا جرائم الإهمال الطبي التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى في سجونه، سائلاً الله العلي القدير أن يسكنه فسيح جنانه، مع النبيين والصديقين والشهداء، محمّلاً سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى، وبخاصة المرضى منهم، الذين يعيشون ظروف اعتقال سيئة، حيث تماطل سلطات الاحتلال في تقديم العلاج اللازم لهم، ومطالباً المنظمات والهيئات الحقوقية الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان العالمية، بالتدخل السريع والفوري للإفراج عنهم، وإنقاذ حياتهم، ودعا إلى مواجهة ظلم الاحتلال الذي ينتهك أبسط حقوق الأسرى المكفولة في القوانين والاتفاقات والقرارات الدولية، بحرمانهم من العلاج.

جاء ذلك خلال عقد جلسة المجلس (192)، برئاسة سماحة الشيخ محمد حسين، المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس مجلس الإفتاء الأعلى، وتخلل الجلسة مناقشة المسائل الفقهية المدرجة على جدول أعمالها، وذلك بحضور أصحاب الفضيلة أعضاء المجلس، علماً بأن القرارات تنشر عبر وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية.

التعليقات